سفارش تبلیغ
صبا ویژن
دانش، پرده ای جلوگیر از آفتها است . [امام علی علیه السلام]
لوگوی وبلاگ
 

آمار و اطلاعات

بازدید امروز :5
بازدید دیروز :4
کل بازدید :1872
تعداد کل یاداشته ها : 7
103/2/9
4:35 ع

فی تلک الأیام والحاجة ملحَّة الى سُبَح کربلاء وتُرَبها ، توصل بعض البحرینیین الى جلب تراب من کربلاء الى البحرین ، وصناعة ترب وسبح منه . وقد أهدى لی أحدهم واحدة منها ، فکتبت : 

صنعوها فی البحرین.. فی بیت طاهر..

شاطؤهم مغسولٌ بأمواج القرون ، وقلوبهم بالدموع على الزهراء علیه السلام ..

من أبناء الغواصین الأوائل الذین عرفوا اللؤلؤ قبل الناس.. وخبروا محاراته الملأى ، واستخرجوا منها لأهل الدنیا أغلى زینة..

من أبناء الأوفیاء الأوائل الذین قال لهم الرسول صلى الله علیه وآله : إنی تارک فیکم الثقلین کتاب الله وعترتی أهل بیتی.. فقالوا سمعنا وأطعنا ، واحتضنوا فی محارات قلوبهم لؤلؤتین ، فَنَمتَا واتحدتا وصارتا لؤلؤتین فی واحدة ، کأکبر ما یکون اللؤلؤ ، وأبهى وأغلى .

باعوا اللؤلؤ للعالم بالغالی والدانی ، أما لؤلؤ محبتهم فباعوا له کل شئ لیَسْلم لهم ! لا أعرف أکثر منهم سخاء من أجله ، حتى بالروح !

یقولون إن لؤلؤ محبة أهل البیت علیهم السلام إن بذلت له روحک ، انتقل من محارة القلب إلى محارة الروح ، ونما فیها نمواً خاصاًً و صار مشعّاً !

صنعوها بالأنامل.. وبسیط الوسائل.. یأخذون قطعه من الطین المقدس باسم الله ، ویحولونها إلى حُبَیْبات ، ثم یُجففونها وینظمون منها مسابیح کربلاء.. صناعة لا کالصنائع ، وبضاعةٌ لا کالبضائع.. اهتدى لها والدهم فی عهد حصار کربلاء.. یوم قلَّ وصول السبح الحسینیة ، وتلهف لها المحبون..

یومها.. قصد کربلاء واستطاع الوصول إلى مشهدها.. فزار الحسین علیه السلام عن أهل البحرین ، واستأذنه فی أن یحمل شیئاً من تراب بقعته المبارکة إلى بلده لیصنع منه مسابیح لموالیه.. وعاد إلى بیته یحمل لأطفاله هدایا ، لکن فرحة الکبار والصغار بصندوق التراب کانت أکبر..

أعدوا مکانه بدقة.. طهَّروا الغرفة وبَخَّروها.. ثم وضعوا الصندوق على منضدة فی زاویتها.. یأخذون من ترابه ویصبون علیه ماء زمزم ، ویصنعون منه عجین السبح الحسینیة..

ماء زمزم ، وتراب کربلاء ، التقیا فی بیت مؤمن فی البحرین ، فکان لهما حنین وأشواق ، بدموع بحرانیة .

قال تراب کربلاء: أنت یا ماء زمزم أسعد حظاً من الفرات ، لقد شرب منک الحسین وأصحابه وارتووا.. لکنهم منعوهم من ماء الفرات وقتلوهم عطاشى ، فأحسست بدمائهم حارَّةً حارة ، تغلی وتضطرم..

قال ماء زمزم: لهفی على دم الحسین وعطش الحسین وأصحابه.. إنی أشم منک ریحهم فما أطیبه وأشجاه..

واجتمع فی البحرین.. ماء زمزم وتربة الحسین.. فتلاقت المعانی الکبار.. من هاجر وإسماعیل وفاطمة والحسین.. والمعانی الأکبر.. من إبراهیم ومحمد صلى الله علیهما وآلهما..

کان ینبغی اختبار استعداد إبراهیم وإسماعیل علیهما السلام للفداء.. فکان مشهد منى.. ولم یکن ینبغی اختبار محمد صلى الله علیه وآله ، بل یکفی إخباره فقط ، فأخبره الله تعالى بفداء کربلاء، فأخبر ولده الحسین علیه السلام بذلک فقال: رضا الله رضانا أهل البیت ، نصبر علی بلائه ، ویوفینا أجور الصابرین .

وسقى أهل البحرین ماء زمزم لتربة الحسین ، ونظموا منها سُبَحاً فی أیدی الذاکرین.. کل واحدة منها قصیدة من مئة بیت وبیت.. وکل بیت منها مطلع.. وکلا شطریه مصرع..

قصیدة دونها المعلقات..یفهمها المؤمنون والملائکة ویستعیدون إنشادها..

أما أصحاب الأذهان المسطحة فیقولون: کلام ، ومسبحة من طین !

تفهمها عجائزنا فی قراهن .. ویُجِدْنَ أصول إنشادها ، فقد ورثن کلماتها من بنت أفصح ناطق بالضاد ، یوم أهدى إلیها الرسول کلماتها ، تکبیراً وتحمیداً ، وتسبیحاً ، فکانت تشید الإنشاد..

صنعت الزهراء سُبْحَةً من تربة قبر حمزة ، نظمتها فی خیط أزرق.. حتى جاء جبریل إلى أبیها بهدیة من تربة کربلاء ، فکانت منظومة کربلاء .

یَا جِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَالطَّیْرَ.. ولو کان داود فی عصرنا لاستبدل إنشاده بإنشاد نبینا صلى الله علیه وآله وقال: هذا إنشاد تؤوب معه ملائکة الملأ الأعلى !

جمیلة منظومة أهل البحرین ، لتلحین نشید الزهراء..

وفی الدنیا ألحانٌ.. لو عرفها المغنون ، لعافوا ألحانهم !

ألحان أهل الدنیا وقصائدها تقول للإنسان :

إنما الحیاة بدنک والشهوات.. ثم النهایة !

تقول له ذلک: آخر مقطوعات الموسیقى الأمریکیة.. وأحدث صالات الغناء.. وأبلغ قصائد الملک الضِّلِّیل امرئ القیس ، والسفیر الضلیل نزار القبانی.. فیرى أن أجمل ما فی الدنیا.. لهوها ، وخمرها ، وزناها ، فیتیه فی أودیتها.. بینما یواصل الکون نشیده ، عابراً عن هذا الغائب المخمور !

الکونُ یواصل أنشودته من یوم ولادته.. من أول ما بدأ شریط الزمان..

وَإِنْ مِنْ شَئٍْ إِلا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَکِنْ لاتَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ ، وکل واحد بلغته.. وله نشیده وألحانه.. أما نشید الأنبیاء علیهم السلام فهو النشید الأکبر ، ینتظمها جمیعاً ویحدو بها !

وأنشودة الکون لایراها مسطح الذهن ، ولا یحس بها مخمور ، بل یسمع عنها الناس.. أما المؤمنون فمفتوحة لهم النوافذ !

فی یوم من الأیام أمر الله بلاد التین والزیتون ، بجبالها وحیوانها وطیورها وأسماکها ، أن تنشد بنشید الإنسان النبی.. فکان داود یقرأ التسبیح بألحانه ، و.. یَا جِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَالطَّیْرَ .

حتى إذا جاء محمد صلى الله علیه وآله ، حباهُ الله بختام أناشید التسبیح ، فأهداه الرسول لابنته الزهراء وسماه باسمها.. ویا أجیال المسلمین سبحی بتسبیحها ، حتى یأتی ابنها المهدی علیه السلام فینشده ، فیؤوِّب معه سکان الأرض والسماء !

فی الدنیا أنواع الجواهر.. أخرجها الله لعباده من بواطن الأرض ، وقیعان البحار.. زینةً وآیة..

فیها الیاقوت الأحمر ، الذی یذرف توت الشام دموعه شوقاً الیه..

ودر النجف النابت فی الأرض.. یضاهی البَرَد النازل من السماء..

والألماس الأخَّاذ.. الذی تمکنوا بعد آلاف السنین والتجارب ، أن یصنعوا له شبیهاً ، ولو بلا روح..

وفیها اللؤلؤ والمرجان.. واللَّعْلُ والزَّبرجد.. والیُسْرُ والزَّهْر.. ومن جمیعها تصنع العقود والمسابیح.. لکنها جمیعاً لاتساوی حبة من سبحة کربلاء !

وکیف یقاس المادی بالمعنوی.. والمظلم بالمنیر.. والصامت بالمتکلم؟

توصَّل العلم الى أن إشعاع الیاقوت ینطلق خیوطاً وحزماً مفردة متفرقة.. تذهب بعیداً بعیداً.. ثم تجتمع فی مرکز .

فکثروها وکثفوها ، وحصروها فی نقطة تجمعها کالماء المحبوس ، أو کالخیل الملجمة تنفلت من أبواب سباقها لتجتمع فی الغایة والهدف !

فکانت أشعة اللیزر بنت الیاقوت !

لکن ما ندری هل سیجد العلم أشعة تربة کربلاء التی تنطلق منها عند السجود علیها ، فتعبر أعماق المجرات حتى تصل الى العرش ، ثم تنعکس نوراً فی قلب الساجد !

أما أهل البحرین فقد وجدوا ذلک ، فهم لا یحتاجون فی ذلک الى انتظار وسائل العلم مهما کانت متطورة.. لأن الذی أخبرهم عنده نافذة مفتوحة على الغیب ، وهو أصدق وأدق من وسائل العلم !

ووصل العلم الى أن الجماد یختزن الکلام ویعیده.. لکن لم یصل الى أن سبحة کربلاء تسبِّح فی ید حاملها نیابةً عنه !

وقد وجد أهل البحرین ذلک وآمنوا به ، لأن الصادقین أخبروهم به.. وقد قال لهم ربهم: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ .